فيلم طارد الأرواح .. القصة الحقيقية

في عام 1949 نشرت الجرائد الأمريكية عدة تقارير حول قيام بعض القساوسة بإجراء جلسات ناجحة لطرد الأرواح الشريرة من جسد فتى في الرابعة عشر من العمر يدعى رونالد

فيلم طارد الأرواح .. القصة الحقيقية

الفتى رونالد و هناك مصادر أخرى أطلقت عليه أسم روبي (Robbie Mannheim ) - وفي الواقع لا يعلم احد على وجه الدقة الاسم الحقيقي للفتى لأن الكنيسة تكتمت على جميع معلوماته الشخصية، أما تفاصيل القضية فقد أتت من مصادر ثانوية، أي من قبل القساوسة الذين شاركوا في طقوس طرد الروح الشريرة من جسد الفتى.التقارير الصحفية حول الفتى أثارت فضول الكثير من الناس، وكان احد هؤلاء الذين استثارتهم القصة إلى حد الهوس هو الكاتب الأمريكي من أصل لبناني وليم بيتر بلاتي (William Peter Blatty )، والذي دفعه حماسه إلى أجراء تحقيقاته الخاصة عن القضية، وقد تكللت جهوده بالحصول على نسخة من يوميات احد القساوسة الذين شاركوا في طرد الروح الشريرة من جسد الفتى 
وأتاحت هذه اليوميات لبلاتي فرصة كتابة روايته الشهيرة  بعنوان طارد الأرواح التي نشرها في أمريكا عام 1971 فحققت نجاحا منقطع النظير وتصدرت قائمة أكثر الكتب مبيعا لسنة كاملة، وقد كان هذا النجاح دافعا قويا لتحويل الرواية إلى فلم سينمائي 
في الرواية قام بلاتي بتغيير بعض تفاصيل القصة الحقيقية، فتحول الفتى رونالد إلى فتاة تدعى ريجان، كما أضيفت بعض الأحداث الخيالية لإضفاء المزيد من الإثارة؛ وهنا ينبغي أن ننوه مرة أخرى بأن بلاتي لم يتمكن من مقابلة الفتى رونالد، لكن أقرب نقطة أستطاع بلوغها فيما يخص القضية كانت حديثه مع القس وليم بوديرن قبل موته، وهذا القس كان هو الذي ترأس جلسات طرد الأرواح، وقد أكد لبلاتي بأن القصة حقيقية لكنه رفض بشكل قاطع الإدلاء بأي معلومات يمكن أن تقود للكشف عن شخصية الفتى.على العموم، وبناء على المعلومات المتاحة
فأن الفتى رونالد هو من مواليد عام 1935، وهو الطفل الوحيد لعائلته التي كانت تسكن في إحدى مدن ولاية ماريلاند الأمريكية. كن رونالد متعلقا بخالته هارييت التي كانت تسكن في مدينة سانت لويس بولاية ميزوري، هذه الخالة الغريبة الأطوار كانت تعمل وسيطة روحية في جلسات تحضير الأرواح، وفي إحدى زياراتها قامت بإهداء لوح ويجا – لوح عليه حروف وأرقام يستخدم للاتصال بأرواح الموتى – لرونالد وعلمته كيف يستخدمه للتواصل مع أشباح العالم الآخر، ويعتقد البعض بأن هذا اللوح كان هو سبب البلاء الذي حل بالفتى فيما بعد. في 26 كانون الثاني / يناير عام 1949 ماتت العمة هارييت بصورة مفاجئة وغامضة في سن الرابعة والخمسين
ويقال بأن الفتى رونالد حاول الاتصال بروحها عن طريق لوح الويجا، ولم تمض سوى عدة ليال حتى بدئت عائلة رونالد تسمع طرقات وخربشة مزعجة تصدر عن جدران المنزل، في البداية ظنوا بأنها أصوات بعض القوارض والحشرات، لكنهم لم يستطيعوا العثور على أي من هذه المخلوقات. ثم صارت العائلة تسمع صوت خطوات خفية تتجول داخل المنزل من دون أن يستطيعوا تحديد مصدرها. ولم تلبث أن تطورت الأمور فأخذت قطع أثاث المنزل تتحرك من تلقاء نفسها! والمزهريات تحلق في الهواء من دون أن يمسها احد!. وأخذت الكوابيس تقض مضجع رونالد وأصوات غريبة تصدر عن سريره كأنما هناك من يحاول الزحف داخله. كما لاحظت عائلته بأنه أصبح مضطربا وسريع الغضب، وأرعبهم ظهور خطوط وكلمات مبهمة على أنحاء متفرقة من جسده. عائلة الفتى طلبت المساعدة من كاهن كنيستهم، الأب لوثر شولتز
أخبروه بأنهم راجعوا العديد من الأطباء والمعالجين النفسيين من اجل علاج أبنهم من دون فائدة، فحسب التقارير الطبية لم يكن رونالد يشكو من أي عارض صحي، لكن مع هذا استمرت حالته بالتدهور يوما بعد الأخر. الأب شولتز طلب من والدي رونالد أن يتركوه معه في المنزل لعدة ليال لكي يتمكن من فحصه ومعاينة حالته بدقة. وقد تحولت تلك الليالي إلى كابوس حقيقي لم يفارق ذاكرة الأب شولتز حتى أخر يوم في حياته، ففي الليلة الأولى وبعد أن خلد الجميع إلى أسرتهم، ارتفعت فجأة همهمة مبهمة وبدء سرير الفتى يهتز بعنف ثم أخذت بعض قطع الأثاث تتحرك من تلقاء نفسها .. احد الكراسي أرتفع في الهواء وراح يدور حول فراش الفتى ضاربا وجوه جميع الموجودين في الغرفة!. تلك الليلة المرعبة جعلت الأب شولتز موقنا بأن يدا شيطانية خفية تقف وراء جميع الأحداث الغريبة التي لاحقت الفتى لعدة أسابيع، وأن الطريقة الوحيدة لتخليصه من معاناته هي إجراء طقوس معينة لطرد الشر من جسده. عائلة رونالد، وبنصيحة من الأب شولتز، قامت بعرض الفتى على كاهن أخر يدعى الأب ادوارد هيوز، وقد حدثت أمور غريبة أثناء مقابلته، ففجأة أصبح جو الغرفة شديد البرودة، وبدأ الفتى يتكلم بصوت أجش بلغة غامضة لم يفقهوا شيئا منها
وقد كانت تلك الأمور كافية لإقناع الأب هيوز بأن روحا شريرة تتحكم في جسد الفتى وان السبيل الوحيد لتخليصه منها هي إجراء طقوس معينة لطردها. وقد أجرى الأب هيوز تلك الطقوس فعلا في قبو مستشفى جامعة جورج تاون، لكن رونالد أصبح عنيفا إلى أبعد الحدود فراح يبصق على الأب هيوز ويكيل له أقذع الشتائم، ثم استطاع بطريقة ما من تحرير نفسه من القيود التي كانت تثبته إلى السرير ووجه ضربة قوية للأب هيوز بسلسلة حديدية أصابته في كتفه وطرحته أرضا مما أستدعى أخراجه من الغرفة لتلقي العلاج. وقد تطلب جرحه الغائر أكثر من مائة غرزه لتقطيبه أما الفتى فقد هدأ تماما بعد أن ابعدوا الأب هيوز ولم يعد يتذكر شيئا عما جرى. رونالد عاد إلى المنزل برفقة والديه واستمرت حالته بالتدهور حتى زاره في احد الأيام القس وليم بوديرن برفقة رجل دين أخر وشاهدا الأمور الغريبة التي تحدث معه، كالأصوات الغامضة والرموز المبهمة على جسده وتحرك قطع الأثاث من تلقاء نفسها، وقد رفع القسان تقريرا عن حالة الفتى إلى الأسقف المسئول عنهما والذي وافق على إجراء جلسات جديدة لطرد الروح الشريرة في إحدى المستشفيات الدينية
 تم نقل رونالد إلى المستشفى، وبدء ثلاثة قساوسة برئاسة الأب بوديرن يتهيئون لإجراء الطقوس. الجلسة الأولى كانت عنيفة اهتز خلالها سرير الفتى بعنف وظهرت على جسده عبارات مثل "شر" و "جحيم"، وراح يكيل الشتائم والسباب للقساوسة كما تمكن من توجيه ضربة قوية مباغتة كسرت انف احدهم. وبحسب اليوميات التي سجلها الأب بوديرن فأن عملية طرد الروح الشريرة من جسد الفتى تطلبت ثلاثين جلسة على مدى شهرين، وقد زعم الرجل في يومياته بأن الجميع سمعوا خلال الجلسة الأخيرة صوتا مدويا كهدير الرعد يصدر عن جسد الفتى، صوت ارتجت له جنبات المستشفى ثم ساد السكون وفتح الفتى عينيه هامسا : "لقد انتهى! .. لقد انتهى!".الفتى رونالد عاد لطبيعته، ولم يعد يتذكر أي شيء عن قضية الروح الشريرة وتلبسها بجسده. وبحسب بعض المصادر فأنه كبر ليصبح رجلا ناجحا وعاش ما تبقى من حياته بسلام وسعادة مع زوجته وأطفاله.
  يتبع فى الجزء الثانى ...

ما هو رد فعلك؟

like

dislike

love

funny

angry

sad

wow